يطيب لأعضاء الطريقة الدرقاوية الحبيبية فرع مراكش أن يدعوكم لتنزيل التطبيق الجديد الخاص بالطريقة الحبيبية على الأندرويد. للتنزيل انقر هنا

Arrow up
Arrow down

الأحد 11 ذو القعدة 1445
Sunday Dhul-Qadah 11 1445
الأحد 19 أيار 2024


حكمة اليوم:

تقييم المستخدم: 5 / 5

تفعيل النجومتفعيل النجومتفعيل النجومتفعيل النجومتفعيل النجوم
 

هَلْ نَحْنُ فِي حَاجَةٍ لِلتَّصَوٌُفِ؟

 

اهتم الصوفية بالعلم وخدموه بالتأليف وإنشاء المعاهد. وكان الكثير من مشايخهم متبحرين في علوم الشريعة وأولي ذوق أدبي وعلمي رفيع فخلفوا ثروة علمية وأدبية زاخرة.

أمثال الحكيم الترمذي والحارث المحاسبي والغزالي الذين سبروا دقائق أعماق النفس البشرية محللين أخفى خفاياها، وأمثال جلال الدين الرومي وعمر بن الفارض وفريد الدين العطار وأبي مدين والششتري الذين تركوا أشعارا وترانيم ربانية منتصرين للحب والعاطفة ثائرين على جفاف القلب والروح، ومثيرين للحماس والتفاني في الأمة التي أمست في فترات من التاريخ فريسة المادية الصماء والتطرف العقلي والتعصب المذهبي والجمود العاطفي، وأمثال بن عربي الذي طاف العالم الإسلامي مؤلفا لمئات من الرسائل والكتب كان لها أبلغ الأثر في ثقافات العالم.

والحقيقة أن الفضل في الحركات التعليمية في الماضي يرجع إلى تشجيع هؤلاء الصوفية والمشايخ إما مباشرة وإما بواسطة. فنحن نرى المدرسة والزاوية جنبا إلى جنب في أكثر الأدوار في كل بلدان العالم الإسلامي بلا استثناء ولا ننسى الدور الأساسي الذي قامت به الزاويا -خاصة في مهد الاستعمار- لنشر القرآن الكريم وعلوم الشريعة والثقافة العربية.

وكان المخلصون من مشايخنا يرسلون خلفاءهم النجباء إلى النواحي المنعزلة النائية مثل جبال القبائل والأوراس وأعماق الصحراء فينشئون بها زوايا تجمع بين التثقيف العلمي والتربية الروحية والخلقية، فتخرج منها الآلاف من حفظة القرآن والعلماء والصلحاء. ولايزال بعضها باقيا إلى يومنا هذا.وهنا نذكر بأن للصوفية تراثا قيما جديرا بالدراسة والإحياء لايزال مجهولا ومدفونا. فلهم كتب ورسائل وأشعار في مجالات تحليلهم للنفس السالكة وفي الأدب الأخلاقي والدين وفي ميدان علم الزمن والتأويل والأدب التربوي وفي حقل الأنثروبولوجيا (الفلكلور الموسيقي -الحكاية الشعبية).ومن مآثر الزوايا أنها كانت مأوى للغرباء وأبناء السبيل والفقراء وطلاب العلم، يجدون فيها طعامهم ومرافق حياتهم. فكانت بذلك مثلا حيا للتكافل الاجتماعي ونقطة اتصال بين الأغنياء والفقراء والعلماء والعامة وملاجئ إنسانية عمل فيها الصوفية بالحديث النبوي المشهور (تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم).

التصوف والجهاد : يقول الصوفي الخواص (أنت عبد لما تشتهي وعبد من تطمع فيه وعبد من تخاف. فمن ارتفع فوق الاشتهاء والخوف والطمع أصبح عبد الله) بمثل هاته المبادئ أصبح الصوفية في كل زمان القوة الثائرة على الظلم والعدوان والصوت المرتفع في وجه الطغاة مطبقين للحديث النبوي الشريف (رهبانية أمتي الجهاد) وتحت ظلال هذا الإيمان استطاع الصوفي العلامة عز الدين بن عبد السلام أن يبيع مماليك مصر بيع الرقيق يوم أن انحرفوا.وهذا ابن عربي يشتغل مستشارا للملوك في المغرب والمشرق أمثال الملك الظاهر والملك كيكاوس آمرا لهم بالمعروف وناهيا عن المنكر. وهذا أبو مدين دفين تلمسان يجاهد في الحروب الصليبية فيفقد فيها يده. وهذا الشاذلي يدفع بتلاميذه إلى ساحات الكفاح ضد الصليبيين.

وهؤلاء تلاميذ مدرسة الإمام الغزالي ينشئون ملكا في المغرب. وهذا الشيخ آق شمس الدين يدحر محمد الفاتح أعظم ملوك آل عثمان، فيخضع له الفاتحون يقول: (والله ما فرحت بفتح القسطنطينية مثل فرحي بوجود هذا الشيخ في زماني).وفي زوايا الصوفية نبتت وترعرعت رسالة الفتوة التي من مبادئها الجهاد والإيثار فتكونت منهم جماعات يقومون بأعمال تثقيفية للجنود المحاربين فكانوا وعاظا ومرابطين ومجاهدين في الربط والثغور مقدمين أنفسهم شهداء خدمة ودفاعا وقربانا.

فقد ذكر مثلا ابن بطوطة في رحلته للأناضول أنه قابل جماعة من أهل الفتوة كانوا يقيمون في مايشبه الزوايا وشعارهم الكرم والجذب على الغريب ونصرة الضعيف والأخذ على يد الظالم ووصف أفرادها بقوله: (ولم أر في الدنيا أجمل أفعالا منهم).وقد لعبت الفتوة دورا عظيما في الحروب الصليبية حتى يروي لنا القاضي الفاضل صفي صلاح الدين الأيوبي ومؤرخه أن صلاح الدين كان إذا مالت به موازين النصرة في ساحات القتال أمر الأبواق أن تضرب وأمر المنادين أن يصيحوا أين أهل الفتوة؟...كما أثبتت كتائب جماعات الفتوة وجودها وفعاليتها في الفتح التركي الخاطف في أوربا والبلقان، وهنا نشير إلى أن الكثير من المجاهدين الأتراك وجنود الانكشارية كانوا من أتباع الطريقة البكطاشية والنقشبندية والمولوية.

ولا ننسى أن الكثير من الثورات الإسلامية ضد المستعمر قامت قديما وحديثا باسم التصوف وبقيادة رجاله. سرح طرفك في هذه القرون الأخيرة فماذا تجد؟تجد في السودان محمد أحمد السوداني شيخ المهدية وفي الصومال الملاحسين من شيوخ الناصرية وفي ليبيا شيخ السنوسية أحمد الشريف وفي الهند الإمام محمد الشهيد شيخ الطريقة المجددية، تجدهم وقد قاموا اتباعهم بالثورة على المستعمرين وسقط منهم عشرات الآلاف من الشهداء· وفي عام 1813 م لما هجم الروس على (طاغستان) لم يقم في وجههم إلا مشايخ النقشبندية حاملين راية الجهاد· وكان من أشهرهم غازي محمد ثم خليفته حمزة بك ثم الشيخ شامل الذي استمر جهاده ضد روسيا نحو 35 سنة (انظر كتاب حاضر العالم الإسلامي لشكيب أرسلان)·أما في الجزائر فالتاريخ يخبرنا كيف كانت الزوايا منطلقا لساحات الجهاد ضد الاحتلال الاسباني، وكيف ثار الدرقاويون على ظلم الولاة الأتراك، وكيف قاوم مشايخ الطريق أمثال الشيخ الحداد زعيم الرحمانيين والشيخ أبو عمامة وغيرهم كثير، كيف قاوموا بالسلاح وبالكلمة الاستعمار الفرنسي.ولا ننسى بأن رائد حركات الجهاد في الجزائر الأمير عبد القادر كان صوفيا ذوقا وعملا وكان والده شيخا في الطريقة القادرية ولذلك انغمست تحت زعامته طوائف الغرب الجزائري وفي ذلك يقول شكيب أرسلان في (حاضر العالم الاسلامي):(وكان المرحوم الأمير عبد القادر متضلعا من العلم والأدب، سامي الفكر، راسخ القدم في التصوف، لايكتفي به نظرا حتى يمارسه عملا، ولا يحن إليه شوقا حتى يعرفه ذوقا، وله في التصوف كتاب سماه (المواقف) فهو في هذا المشرب من الأفراد الأفذاذ، ربما لا يوجد نظيره في المتأخرين) · يحق لنا أن نتساءل ونحن في عصر الذرة وغزو الفضاء والقنابل العابرة للقارات هل نحن في حاجة إلى التصوف؟نقول أننا أردنا بهذه اللمحة التاريخية أن نفند الإدعاء الذي يزعم بأن التصوف رمز التواكل والكسل والانسحاب عن ميدان الكفاح والدعوة، أو هو خمول وشعبذة ودروشة وجهل.

إن التصوف الأصيل الصادق المنسجم مع نهج النبوة هو الذي ينفخ في أبنائه روح العمل البناء، وعلو الهمة والحنين إلى الإيثار والجلادة والشهادة، فإذا وجدنا أمثلة شاذة لبعض المنتسبين لأصحاب الطريقة المتصوفة الذين آثروا العزلة، أو سخرهم الاستعمار لبعض مآربه فهناك في جانب آخر عدد أكبر بكثير من أئمة التصوف وشيوخ الطريقة وأتباعهم الذين كانوا أمثلة سامقة في الكفاح والنضال والدعوة إلى الإسلام والبقاء في معترك الحياة يشيعون الهداية والعلم.يقول أبو الحسن الندوى في كتابه (ربانية لا رهبانية) متحدثا عن الدور الذي يجب أن يلعبه التصوف في عصرنا:(انظر إلى بلاد ضعفت فيها الدعوة إلى الله والربانية وتزكية النفوس من زمان ندر فيها وجود الدعاة إلى الله وتجديد الصلة بالله وإصلاح الباطن بنفوذ الحضارة الغربية أو للقرب من مركزها أو بفعل عوامل أخرى -إنك تشعر فيها بفراغ هائل لا يملؤه التبحر في العلم ولا التعمق في التفكير ولا فضل من ذكاء ولا غنى من أدب ولا نسب قريب بلغة الكتاب والسنة ولا نعمة من استقلال، إنها أزمة روحية وخلقية لا علاج لها ومشكلة من أدق مشكلات المجتمع لا حل لها، فالدهماء والشعب فريسة المادية الرعناء، ونهامة المال العمياء والأمراض الإجتماعية والخلقية والمثقفون الثقافة الدينية أو المدنية- فريسة الحرص على الجاه والمنصب والأمراض الباطنية من حسد وشح ورياء وكبر وأنانية، وحب الظهور ونفاق ومداهنة، وخضوع للمادة والقوة، والحركات الاجتماعية والسياسية تفسدها الأغراض وعدم تربية النفوس وضعف القادة والمؤسسات يفسدها الخلاف والشقاق وقلة الشعور بالمسؤولية والتفكير الزائد في المادة وزيادة الرواتب والعلماء يضعف سلطانهم اهتمامهم الزائد بالمظاهر، وخوفهم الزائد من الفقر، وسخط الخاصة والعامة، واعتيادهم الزائد للحياة الرخية الناعمة.

ولا علاج لكل ذلك إلا في (التزكية النبوية) التي نطق بها القرآن وبعث بها الرسول، وفي (الربانية) التي طولب بها العلماء (ولكن كونوا ربانين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون) إنني لا ألح على منهاج خاص من التزكية درج عليه جيل من أجيال المسلمين واشتهر في الزمان الأخير بالتصوف، ولا أبرئ طائفة ممن تزعم هذه الدعوة واضطلع بها من نقص في العلم والتفكير أو أخطأ في العمل والتطبيق ولا أعتقد عصمتها، فكل يخطئ ويصيب ولكن لابد لنا أن نملأ هذا الفراغ الواقع في حياتنا ومجتمعنا ونسد هذا المكان الذي كان يشغله الدعاة إلى الله والربانية والمشتغلون بتربية النفوس وتزكيتها وتجديد إيمانها وصلتها بالله، والدعوة إلى إصلاح الباطن

 

 

كتبه ذ.عبد الباقي مفتاح

طباعة

مقالات

تَرْجَمَةُ الشيْخِ سَيدِي أحمدَ البَدَوي زْوِيتْن

تَرْجَمَةُ الشيْخِ سَيدِي أحمدَ البَدَوي زْوِيتْن هو الشيخ الكبير، الولي الشهير، اللائح الأنوار، الواضح الأسرار، القدوة الهمام، البركة الإمام، الناصح النفاع، الوافر الأتباع، العارف بالله، الدال بحاله ومقاله عليه، أبو العباس أحمد البدوي بن الحاج أحمد الشهير بزويتن، الدرقاوي طريقة.[1] ولادته ونشأته ولد- رحمه الله تعالى- بمدينة فاس، ونشأ بها في عفاف وديانة، وكانت له حانوت بسوق العطارين، ثم إنه تركها، وانقطع إلى الله تعالى واشتغل بتعلم العلم، فكان يحضر مجالس الشيوخ ويأخذ عنهم...[2] تابع القراءة

هَلْ نَحْنُ فِي حَاجَةٍ لِلتَّصَوٌُفِ؟

هَلْ نَحْنُ فِي حَاجَةٍ لِلتَّصَوٌُفِ؟   اهتم الصوفية بالعلم وخدموه بالتأليف وإنشاء المعاهد. وكان الكثير من مشايخهم متبحرين في علوم الشريعة وأولي ذوق أدبي وعلمي رفيع فخلفوا ثروة علمية وأدبية زاخرة. أمثال الحكيم الترمذي والحارث المحاسبي والغزالي الذين سبروا دقائق أعماق النفس البشرية محللين أخفى خفاياها، وأمثال جلال الدين الرومي وعمر بن الفارض وفريد الدين العطار وأبي مدين والششتري الذين تركوا أشعارا وترانيم ربانية منتصرين للحب والعاطفة ثائرين على جفاف القلب والروح، ومثيرين للحماس والتفاني في الأمة التي أمست في فترات من التاريخ فريسة المادية الصماء والتطرف العقلي والتعصب المذهبي والجمود العاطفي، وأمثال بن عربي الذي طاف العالم الإسلامي مؤلفا لمئات من الرسائل والكتب كان لها أبلغ الأثر في ثقافات العالم. تابع القراءة

رِسَالَةُ سَيِّدِي مُحَمّدٍ بنِ الحَبِيب الأَمْغَارِي إلى الشَّيخِ العَلَوِي المُسْتَغَانِمي

 رِسَالَةُ سَيِّدِي مُحَمّدٍ بنِ الحَبِيب الأَمْغَارِي إلى الشَّيخِ العَلَوِي المُسْتَغَانِمي  الحمد لله الذي جعل مــادة نبيه الخاصة سارية في أفراد من أمتـــــه في كل زمان ، وخصهم بين ســــائر مخلوقاته بمعرفة أســــرار ذاته وأنوار صفاته ومظاهر أسمائه وعجائب أفعاله ، فأخبروا من سواهم عن ذوق ومشــــاهدة ووجدان فانتفع بعلومهم ومعارفهم وألحــــاظهم وخـــواطرهم من سبقت له السعادة في حضرة الرحمــــان والصلاة والسلام علــــى سيدنا محمد أول التعينات الذي أظهر الله من نوره ســـــائر الموجودات وعلى آله وأصحابه وخلفائه ما سبح مسبح من أهل الأرض والسماوات ، هذا ومن أعظم خلفـائه صلى الله عليه وسلم الذي أبرزه الله في وقتنا وأظهره بفضله لإرشاد عبيده في عصــرنا وحصـــل لنا وللمحبين به السرور في ســــرنا وجهرنا الشيخ الأكبر والقدوة الأشهر شيخ العارفين ومربي المريدين سيدنا ومولانا "أحمد بن سيدي مصطفى بن عليوه" أدام الله وجودك لنفع العبــــاد ، وجعلك منهلا عذبا للوُراد حتى ينفع بك الحاضر والباد ، وسلام عليك وعلى من تعلق بك بأعلى تحية وأزكى سلام عدد ما تجلى به الحق في ســـــائر الليالي والأيام وبعد : تابع القراءة

نَظَرَاتٌ فِي اللُّغَةِ الصُّوْفِيَّةِ .. إشَارَاتٌ و إحَالاتٌ

نَظَرَاتٌ فِي اللُّغَةِ الصُّوْفِيَّةِ .. إشَارَاتٌ و إحَالاتٌ يقول أبو سعيد الخراز المولود ببغداد في بداية القرن الثالث الهجري في كتاب الصدق : " قلت : متى يألف العبد أحكام مولاه ، ويسكن في تدبيره واختياره ؟ . قال : الناس في هذا على مقامين ، فافهم . فمن كان منهم إنما يألف أحكام مولاه ،، ليقوم بأمره الذي يوصله إلى ثوابه ، فذلك حسن وفيه خير كثير ، إلا أن صاحبه يقوم ويقع ، ويصبر مرة ويجزع أخرى ، ويرضى ويسخط ، ويعبر ويراجع الأمر ، فلذلك يؤديه إلى ثواب الله ورحمته ، إلا أنه معني في شدة ومكابدة " . تابع القراءة
  • 1
  • 2
  • 3
Capture

 

عنوان المقر :

173 مكرر باب تاغزوت

مراكش

اتصل بنا على :

الهاتف : 0689911540

الايميل:

tariqahabibiya@gmail.com