( ألم ترى كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت و فرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها و يضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون)
[سورة إبراهيم الآية:24-25] صدق الله العظيم
إرتضينا هذا المدخل القرآني لما فيه من تصوير للمعاني وتقريبها من الأَفْهَامِ ليحصل بها الإِفْهَامْ جاء في البحر المديد لسيدي ابن عجيبة " شبه بهذه الشجرة: المؤمن الكامل الدائم نفعه، المتصل علمه، أوقاته معمورة بذكر الله، أو تذكير عباد الله، وحركاته وسكناته في طاعة الله، حيث أراد بها وجه الله، فكل حين وساعة يصعد منه عمل إلى الله. "
هذا بالنسبة للمؤمن الموحد فكيف بالجمع الموحد شجرة يانعة كثيرة الأغصان مترامية الفروع وكأني بالطريقة الدرقاوية المباركة الأصل العالية السند هي الأصل الثابت وأن هذه الطرق المتفرعة هي الفروع التي تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ولخصوبة الشجرة وطيب أصلها ومعدنها (الشاذلية) تعددت لدرجة يصعب معها الإحصاء قال الشيخ (ابن سودة المري) : ما توفى مولانا العربي، حتى خلف نحوا من الأربعين ألف تلميذ، كلهم متأهلون للدلالة على الله سبحانه) فرحم الله هذا الطود العظيم . فنحن أبناء "الطريقة الحبيبية" تربينا تحت ظلال هذه الشجرة وأكلنا من ثمرها ونمنا بين عروقها وتغطينا بأوراقها وسقينا شرابا صافيا من أياد كريمة مباركة؛ رأينا ما آلت إليه الأمور من كثرة الفروع والإهتمام بها وخدمتها ونسي القائمون عليها أو تناسوا أن الفرع يحيا بالأصل فبخدمته يزهو الغصن ويثمر وينضُرُ حتى يُبْهِرْ؛ فلا بد إذن من إحكام الأصل؛ وكأني بقائل يقول: ما تعني بإحكام الأصل؟
إحكامه بالدعوة للرجوع إلى المعاني الثرة في رسائل الدرقاوي وإلى مبادئ الشاذلية كما هي في لطائف المنن وحكم ابن عطاء الله؛ ففي هذا التجديد المبارك وجب على الفروع الدعوة للإجتماع على الأصل وعدم التعصب للطريق التي ينتسب إليها في مقابل باقي الطرق وإذا حصل اللقاء بين فقراء فرع من فروع هذه الطريقة مع فقراء إحدى الطرق فلا مانع من مشاركتهم أذكارهم وسماعهم . وما دون ذلك ماهو الا خَطَلٌ ومرض وفي هذا المعنى سمعت مرارا سيدي مولاي هاشم أطال الله عمره يقول "الشيوخ إخوة والفقراء أبناء عم" ومن عادة أبناء العم-الصغار ممن لم يكتمل نموهم التربوي- أن يقولوا في ملاسناتهم أبي خير من أبيك وأقوى منه؛ أو أحسن منه .... فمن شعارات هذا التجديد المبارك شعار : التكامل بين الفروع مع ترميم الأصل فرفعنا الراية متوكلين على الله متمنطقين بمنهج أثله مشايخ هذه الطريقة في الذكر والدعوة والعلم والحال .
قد تكون هذه الطريقة هي حاملة اللواء لكن لا يعني أنها تحتفظ بالخير لها فالكل لله وبالله ولا حول ولا قوة إلا بالله . و لقد أخذنا على أنفسنا في هذا الموقع أنه كلما فتح فرع جديد في مدينة من المدن نضيفه؛ حتى نغطي ربوع هذه المملكة الطيبة بحول الله. وكلما شارك بنشاط أو في نشاط ذُكر وشُجع . فما في هذه البوابة من الفروع قابل للتجديد فكلما إنضاف فرع بحول الله للركب أضيف لهذا الموقع المبارك فتنشر نشاطاته أولا بأول بالصوت والصورة وتُقَوَّمْ وإن فتح الله ندعمه معنويا وماديا في إطار الإمكانيات المتواجدة إن أمكن والله من وراء القصد . ختاما أريد أن أنسب الفضل لأهله "أدعهم لآباهم هو أقرب للتقوى"وذلك بالتوجه بالشكر الجزيل لفرع الطريقة بمراكش على هذا العمل الجاد والمجهود العظيم فهو بمثابة مقدمة القاطرة يزيل الأوحال وينقي الطريق من الأهوال ويتواصل مع الأحباب في كل مكان. فهلم سادتي في كل مكان ممن وصلهم هذا النداء للتعاون على هذا البناء و وضع اليد في اليد حتى تتصل حلقات هذه السلسلة النورانية التي انفرط عقدها أو كاد و اعلموا و اشهدوا والله خير الشاهدين أننا لا نريد بذلك جزاء ولا شكورا ولا مدحا ولا مشيخة ولا تقديما وإنما الصدق في طلب الله وما عنده سبحانه وتعالى .